الخميس، 4 نوفمبر 2010

سايكس بيكو مهدت لوعد بلفور

" سايكس ـ بيكو " مهدت لِ" وعد بلفور "
أضف هذا الموضوع على مواقع أخرى
بقلم : 2010/11/4 الساعة 8:50 بتوقيت مكّة المكرّمة
   


بالإمس غصَّـت حلوق بقايا الشرفاء من أمة العرب كعادتنا منذ خمس وتسعين عاما بذكرى ( وعد بلفور ) الذي تعهدت بموجبه الحكومة البريطانية من خلال رسالة خطية بعثها وزير خارجيتها

 اللورد المتصهين جيمس آرثر بَـلفور في 2 تشرين الثاني 1917 م باسم الحكومة البريطانية إلى زعيم اليهود في بريطانيا اللورد ليوئيل والتر روتشيلد يتعهد فيه بإنشاء ( وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين ) ، صحيح أن بعض العرب ، أنظمة ونـُخبا ، لم يعد ( وعد بلفور ) يعنيهم في شيىء بعد أن اعترفوا بثمرته الخبيثة ( الكيان الصهيوني المغتصب لفلسطين )، إلا أن هذا الوعد المشؤوم ما فتىء على مدى ما يقرب من قرن يشكـِّـل حافزا للعرب الشرفاء يدفعهم إلى الإصرار على رفض الإعتراف بشرعية ثمرثه الخبيثة وإلى الإصرار على مقاومة وجوده العابر الطارىء على أرض العرب بدليل أن الكيان الصهيوني المغتصب لفلسطين هو الكيان الوحيد في التاريخ الذي لم يُـلق جيشه وعصابات مغتصبيه سلاحهم منذ أول يوم أقيم فيه وحتى هذه اللحظة .

قيل الكثير في ( وعد بلفور ) وسيقال الكثير ، ولكنني ألاحظ في كل ما قيل تجاهلا للتحضيرات التي مهَّـدت لوعد بلفور ، فقد استبق الإنجليز إصدار وعدهم بالتواطؤ مع الفرنسيين لتفتيت وحدة البلاد العربية بشكل يُسهِّـل عليهم تنفيذ وعدهم لليهود ، فعندما نشبت الحرب العالمية الأولى في عام 1914م بين الإنجليز والفرنسيين من جهة وبين الإمبرطورية الألمانية وحليفتها الدولة العثمانية من جهة أخرى صدَّق العرب الوعود والعهود التي قطعها الإنجليز والفرنسيون لهم بمساعدتهم في تأسيس دولة عربية موحدَّة بعد التخلص من ظلم حكومة حزب الإتحاد والترقـِّـي الطوراني المتطرف فدخلوا الحرب تحت راية الثورة العربية الكبرى بزعامة شريف مكـَّـة الحسين بن علي إلى جانب الحلفاء الإنجليز والفرنسيين ، ولكن وقبل أن تنتهي الحرب كان الإنجليز والفرنسيون يتفاوضون سرا ً مع روسيا لإقتسام تركة الدولة العثمانية ضاربين عرض الحائط بوعودهم وعهودهم للعرب ، ولم يلبث وزير خارجية بريطانيا العقيد المتقاعد مارك سايكس ووزير خارجية فرنسا فرانسوا جورج بيكو أن توصلا تحت جنح الظلام إلى عقد ما عرفت تاريخيا باسم إتفاقية ( سايكس ــ بيكو) في 16 أيار 1916 م ، ولم يكتشف الشريف الحسين الخديعة الإنجليز والفرنسيين الا في أواخر سنة 1917 م عندما كشفت الثورة البلشفية ( الشيوعية ) سرَّ اتفاقية ( سايكس ــ بيكو) إلى عقد ما عرفت تاريخيا باسم إتفاقية ( سايكس ــ بيكو) التي قام الإنجليز والفرنسيون بموجبها بتقطيع أوصال بلدان المشرق العربي فقسَّـموها إلى عدَّة أجزاء على النحو التالي :

1- منطقة تخضع لحكم بريطانيا المباشر وتضمُّ ولايتي بغداد والبصرة في العراق، وكذلك مدينتي حيفا وعكا في فلسطين .

2- منطقة تخضع لحكم فرنسا المباشر وتضمُّ ساحل سوريا من إسكندرونة شمالاً إلى صور جنوباً .

3- منطقة تؤسَّسُ فيها دولة عربية مستقلة برئاسة زعيم عربي ، وتعترفُ بريطانيا وفرنسا بهذه الدولة وتعاضداتها وتقسم هذه المنطقة إلى قسمين : (‌أ) وتضمُّ مدن الموصل وحلب وحماة وحمص ودمشق ، (‌ب) وتضم كركوك وشرقي الأردن والنقب والعقبة ، على أن يكون لفرنسا في منطقة (أ) ولبريطانيا في منطقة (ب) حقُّ الأولوية في المشروعات وتقديم المستشارين والموظفين .

4- تنشأ ادارة دولية في المنطقة السمراء (فلسطين) .

وقداتفقت بريطانيا وفرنسا على إدخال تعديلات على الإتفاقية شملت : 1- تنازل فرنسا عن ولاية الموصل لبريطانيا ، 2 - موافقة بريطانيا على إطلاق يد فرنسا في سوريا الداخلية ، وموافقة فرنسا على أن تكون فلسطين لبريطانيا ( بقصد إطلاق يد بريطانيا لدعم العصابات الصهيونية تسليحا وتدريبا وسياسيا وإعلاميا لمساعدة الصهاينة على تنفيذ " وعد بلفور " .

الأمر العجيب والغريب والمريب أن العرب أكملوا ما بدأه الإنجليز والفرنسيون ، فلم يكتفوا ، أقصد العرب ، بالسبع دول التي مزَّق به خنجر الغدر والخديعة الذي غرسه سايكس البريطاني وبيكو الفرنسي جسد الوطن العربي ، فما فتىء العرب يُـغمدون خناجرهم في جسد وطنهم حتى صارت السبع دول إثنين وعشرين دولة مرشحة للزيادة إذا نجحت مؤامرة تفتيت السودان ولبنان والعراق .

وعد بلفور سيظل ندبة غائرة في جبين الأمة ، ولكنها تبقى ندبة عابرة طارئة لن تلبث أن تزول بزوال هذا الكيان العابر الطارىء تحقيقا لوعد الله ووعيده لليهود الذي سبق وعد بلفور بخمسة عشر قرنا : " فإذا جاء وعد الآخرة ليسؤولا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرَّة وليتبِّـروا ما علو تتبيرا " ، ولأننا نصدق وعد الله ووعيده سيزول هذا الكيان العابر الطارىء بإذن الله ثمَّ بارادة أمتنا الرافضة لوعد بلفور والمقاومة لثمرته الخبيثة.

ليست هناك تعليقات: