الخميس، 4 نوفمبر 2010

تداعيات عن الاعلام وفتح الشهية

تداعيات عن الإعلام وفتح الشهية!
أضف هذا الموضوع على مواقع أخرى
بقلم : حلمي الأسمر 2010/11/3 الساعة 10:09 بتوقيت مكّة المكرّمة
   


حينما قرأت اليوم (أمس) أن شابا تونسيا انتحر شنقاً بعد هزيمة نادي الترجي التونسي المذلة أمام فريق منافس ، تذكرت قول الشاعر بودلير قبل مائة وخمسين عاما: لا افهم كيف

 يمكن ليد طاهرة ان تلمس جريدة ، دون ان تعتريها قشعريرة تقزز؟ الكلام طبعا عن الجريدة ، لكنه الآن يشمل ألوانا كثيرة من وسائل الإعلام التي تقذف في وجوهنا كل لحظة فيضا من الأخبار السيئة ، ونادرا ما يتعامل الإعلاميون طبعا مع الأخبار السارة ، لأن الخبر الجيد بالنسبة لهم هو الخبر السيء،

يرسم بودلير صورة مريعة للصحافة.. حين يقول.. بات من المستحيل تصفح اي جريدة لأي يوم في اي شهر من اي عام ، دون العثور في كل سطر على علامات الفساد البشري الأكثر ترويعا ، جنبا الى جنب مع التباهي الأكثر ادهاشا بالاستقامة والطيبة والرحمة وإضافة الى الإدعادات الأكثر وقاحة بالتقدم والتحضر.. كل جريدة من أول سطر الى آخر سطر ، ليست سوى نسيج فظائع ، حروب ، جرائم ، سرقات ، فواحش ، تعذيب ، جرائم حكام ، جرائم أمم ، جرائم افراد ، عربدة ، فظاعة كونية.. ذلك هو فاتح الشهية المقزز الذي يصحب به الانسان المتحضر فطوره كل صباح.. كل شيء في هذا العالم ينضح بالجريمة: الجريدة والجدار ووجه الانسان،

ما الذي اختلف في - فاتح الشهية المقزز - منذ اطلق بودلير هذه الصورة المريعة للسلطة الرابعة؟ هل غدت اكثر قبحا ام قوة؟ يكمل بودلير الصورة في حديثه عن السياسة وهي مادة الصحيفة او ربما هي ذاتها حين يقول يتمثل المجد الكبير الذي حققه نابليون الثالث اجمالا ، في اقامة الدليل للتاريخ وللشعب الفرنسي ، على أن في وسع اول عابر اذا انتزع التلغراف والمطبعة الوطنية ، ان يحكم امة عظيمة ، ان المجد ليس سوى حصيلة توافق عقل مع غباء امة، ترى ، هل يندرج هذا الكلام تحت باب الهجاء ام المديح للصحافة والاعلام ، وهل ثمة قيمة لجواب هذا السؤال؟

المضحك المبكي في هذا كله ، ان في دنيا العرب من يبحث عن جواب لسؤال آخر لم يخطر على بال بودلير او نابليون وهو: ما اهمية الاعلام.. او: هل من الضروري ان تمتلك امة: تليغرافا ومطبعة وطنية..، ام يكفي ان يمتلكهما "اول عابر" كمردوخ مثلا او بيل غيتس؟،

إن من يملك فاتح الشهية المقزز ، كما يسميه بودلير ، يملك الحياة بكل ما فيها ، وهنا بيت القصيد ، وها هم أمة العرب يملكون وسائل لا حصر لها من وسائل الإعلام ، ولكنهم حتى الآن عيال على الآخرين في دنيا الغرب ، حتى فيما يتعلق بأخبارهم ، مع شبه تغييب كامل للآخر وليس لرأيه فحسب ، خاصة حين يتعلق الأمر بوسيلة إعلام رسمية ، أما في وسائل الإعلام الخاصة ومن دخل عليها خاصة من أصحاب رؤوس الأموال ، فالأمر أكثر بشاعة ولا يتسع المجال هنا لوصف حجم ما يشتمل عليه بعضها من تقزز،

كل هذا أثاره في نفسي خبر انتحار الشاب التونسي ، ومثل خبره كثير مما يطالعنا به إعلامنا ، لكن الأهم من كل ذلك ، أن هذا الإعلام في غالبه -وعذرا للوصف - أخذ من مقولة بودلير جزءا منها ، إذ أنه بالتأكيد ليس فاتحا للشهية،

هناك تعليقان (2):

الاعلامي محسن ابوعيشه النعمي يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
الاعلامي محسن ابوعيشه النعمي يقول...

الاعلام العربي يأخذ ما يقذفه الغرب ويردده بدون تمحيص رغم امتلاكه للكثير من وسائل الاعلام الحديثة..وهذا الامر بدى جليا في الحروب التي شنتهاامريكا على اغغانستان والعرق.. وقتها كانت وسائل الاعلام الغربية تمطرنا بالاف الاخبار الكاذبة لدرجة ان وزير الدفاع الامريكي السابق المندحر قد انشأ في وزارته قسم يسمى بالاعلام المضلل.. وهنا كلمة حق تقال ان قناة الجزيرة هي الوسيلة العربيةالوحيد التي فضحت امريكا في هذه الحرب فقد دمر مكتبها في افغانستان وفي العراق.. وهدد اغبى رئيس امريكي (بوش)بضرب مكتب الجزيرة في قطر الى اخر هذا المسلس البشع وما زلنا ننشر ما يقذف به الغرب من سموم واباطيل من ادنى تمحيص..حسبنا الله ونعم الوكيل.